responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 324
اللَّهُ
[الْأَنْفَالِ: 30] وَقَالَ: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ [التَّوْبَةِ: 79] وَقَالَ تَعَالَى: وَهُوَ خادِعُهُمْ
[النِّسَاءِ: 142] وَالْمَكْرُ وَالْخِدَاعُ وَالسُّخْرِيَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ مِنَ الْعِبَادِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْقَانُونَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مَحْمُولَةٌ عَلَى نِهَايَاتِ الْأَعْرَاضِ لَا عَلَى بِدَايَاتِ الْأَعْرَاضِ. وَكَذَلِكَ هاهنا مَنْ تَعَجَّبَ مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَسْتَعْظِمُهُ فَالتَّعَجُّبُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يَسْتَعْظِمُ تِلْكَ الْحَالَةَ إِنْ كَانَتْ قَبِيحَةً فَيَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ الْعَظِيمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ حَسَنَةً فَيَتَرَتَّبُ الثَّوَابُ الْعَظِيمُ عَلَيْهِ، فَهَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمُنَاظَرَةِ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ الْقِرَاءَةُ بالضم إن ثبتت بِالتَّوَاتُرِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا وَيَكُونُ التَّأْوِيلُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ بِالتَّوَاتُرِ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثم قال تعالى:

[سورة الصافات (37) : الآيات 13 الى 18]
وَإِذا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (13) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) وَقالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (15) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17)
قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (18)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَرَّرَ الدَّلِيلَ الْقَاطِعَ فِي إِثْبَاتِ إِمْكَانِ الْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ حَكَى عَنِ المنكرين أشياء أولها: أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَجَّبُ مِنْ إِصْرَارِهِمْ عَلَى الْإِنْكَارِ وَهُمْ يَسْخَرُونَ مِنْهُ فِي إِصْرَارِهِ عَلَى الْإِثْبَاتِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أُولَئِكَ الْأَقْوَامِ كَانُوا فِي غَايَةِ التَّبَاعُدِ وَفِي طَرَفَيِ النَّقِيضِ وَثَانِيهَا قَوْلُهُ: وَإِذا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ، وَثَالِثُهَا قَوْلُهُ: وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الثَّانِي وَالثَّالِثِ غَيْرَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوجِبُ التَّغَايُرَ وَلِأَنَّ التَّكْرِيرَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَالَّذِي عِنْدِي فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يُقَالَ الْقَوْمُ كَانُوا يَسْتَبْعِدُونَ الْحَشْرَ وَالْقِيَامَةَ وَيَقُولُونَ مَنْ مَاتَ وَصَارَ تُرَابًا وَتَفَرَّقَتْ أَجْزَاؤُهُ فِي الْعَالَمِ كَيْفَ يُعْقَلُ عَوْدُهُ بِعَيْنِهِ؟ وَبَلَغُوا في هَذَا الِاسْتِبْعَادِ عَنْهُمْ إِلَّا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَذْكُرَ لَهُمُ الدَّلِيلَ الدَّالَّ عَلَى صِحَّةِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ مِثْلَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: هَلْ تعلمون أن خلق السموات وَالْأَرْضِ أَشَدُّ وَأَصْعَبُ مِنْ إِعَادَةِ إِنْسَانٍ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ وَهَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْأَصْعَبِ الْأَشَقِّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْأَسْهَلِ الْأَيْسَرِ؟ فَهَذَا الدَّلِيلُ وَإِنْ كَانَ جَلِيًّا قَوِيًّا إِلَّا أَنَّ أُولَئِكَ الْمُنْكِرِينَ إِذَا عُرِضَ عَلَى عُقُولِهِمْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتُ لَا يَفْهَمُونَهَا وَلَا يَقِفُونَ عَلَيْهَا، وَإِذَا ذُكِّرُوا لَمْ يَذْكُرُوهَا لِشِدَّةِ/ بَلَادَتِهِمْ وَجَهْلِهِمْ، فَلَا جَرَمَ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الْبَيَانِ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنْ يُثْبِتَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِهَةَ رِسَالَتِهِ بِالْمُعْجِزَاتِ ثُمَّ يَقُولُ لَمَّا ثَبَتَ بِالْمُعْجِزِ كَوْنِي رَسُولًا صَادِقًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَأَنَا أُخْبِرُكُمْ بِأَنَّ الْبَعْثَ وَالْقِيَامَةَ حَقٌّ، ثُمَّ إِنَّ أُولَئِكَ الْمُنْكِرِينَ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهَذَا الطَّرِيقِ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا مُعْجِزَةً قَاهِرَةً وَآيَةً بَاهِرَةً حَمَلُوهَا عَلَى كونها سحرا وسخروا بها واستهزؤا مِنْهَا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ فَظَهَرَ بِالْبَيَانِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ مُنَبِّهَةٌ عَلَى هَذِهِ الفوائد الجليلة.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست